يتباهى عديد من القادة إلى اليوم بألقابهم الكشفية التي تحصلوا عليها و بقوا يعتزون بها لما أكسبتهم من شهرة بين أقرانهم. وهذه الألقاب التي كانت تسند للبعض هي عبارة عن تلقيب الكشاف باسم أحد الحيوانات أو الطيور أو الزواحف يكون مستوحى من التشابه بينهما في الهيئة البدنية و الصفات و القدرات و يكون اللقب مقرونا بنعت يدل على ابرز خصال الملقب الذي يميزه عن غيره مثال ذلك: "- الأيل المثابر – النمر الفاتر – الخطاف الهادئ – الثعلب المتحمس – القندس المتمعن – الغزال السريع – الذئب الذكي ...الخ
و مقاصد هذا التلقيب عديدة من أهمها إعانة الكشاف على إبراز الشخصية أمر غريزي و هو من أهم ما يسعى إليه الإنسان بين أقرانه إلى جانب تنمية الخصال الحميدة و الحسنة و حثه للمحافظة عليها و مكافحة الأهواء و الميول الرديئة فيه و جعله يسعى دائما للمحافظة على حسن الظن فيه و يعمل على تجسيم النعت الذي نعت به في دنيا الواقع فالملقب عادة ما يكون قد برز بعمله النافع وأفكاره الصالحة و هديه للآخرين.لقد أخذت الحركة الكشفية الكثير من عادات و تقاليد الشعوب بحكم تمرس باعثها <بادن باول> في الحياة و اطلاعه الواسع على العديد من الحضارات و يتجلى ذلك فيما اشتملت عليه من سلوك و ممارسات زاخرة بالمعاني و التجارب التربوية الهادفة لاعانة الإنسان على بناء شخصيته و يكون التلقيب أحد عناصرها.
فالتلقيب من الأمور المعمول بها في الحياة العامة و السائدة بكثرة لدى الشعوب خاصة عند العرب من غابر الأزمان إذ نجد أن اللقب عندهم قد يطغى أحيانا على الاسم الأصلي للشخص و يحل محله و يصبح مصدر اعتزاز و افتخار.
ومن ألقاب العرب الصديق لأبي بكر و سيف الله المسلول لخالد بن الوليد و الفروق لعمر بن الخطاب و الشنفرى و تأبط شرا إلى آخره حيث حلت هذه الألقاب محل الأسماء الأصلية.
ولئن ساد في الحركة الكشفية تخصيص اللقب باسم أحد الحيوانات أو الطيور أو الزواحف مع نعت يستمد من ابرز خصال الملقب فذلك راجع لما توليه الحركة الكشفية من عناية جمة بحياة الطبيعة و العيش في الغاب و إقامة مخيمات تحت الأشجار و بجوار جداول المياه و بين الأزهار إذ يقوي التلقيب هذه الرابطة و ينميها و يجعل من الكشاف رائدا من رواد حماية الطبيعة و الدفاع عنها إضافة لما يعطيه اللقب من فوائد أخرى.
و ترسيخا لذكرى إسناد اللقب فقد قضت الطقوس الكشفية أن يسند هذا اللقب من طرف لجنة التلقيب التي تشكل في المخيم من مجموعة قادة الملقبين و عندما تتم السهرة أو نار المخيم و تهدا الحركة و يخيم سكون الليل ووقاره على الغاب الجميل تقع دعوة من وقع الاختيار عليه للتلقيب للحضور أمام اللجنة المجتمعة حول نار السمر لتبادل الآراء حول من سيلقب و يتولى أعضاء اللجنة إعانته على محاسبة نفسه و ذكر صفاته و مناقبه و حسناته و هفواته و مؤاخذاته و ما يجب عليه التمسك به و ما يلزم عليه تداركه موجهينه بذلك نحو ناحية إبراز الشبه بينه و بين الحيوان أو الطائر أو إحدى الزواحف الذي سيأخذ لقبه و النعت الذي سيسند له إلى أن يستنتج اللقب و النعت و يكون ذلك في جو هادي خاشع و بعد تهنئته ينشد الجميع نشيد التلقيب.
و المستنتج من التلقيب أن كل من وقع تلقيبهم من الكشافين على مختلف مستوياتهم و مسؤولياتهم لا زالوا لحد اليوم يعتزون كثير الاعتزاز باللقب و النعت و يفتخرون بذلك و يعتبرون يوم تحصيلهم على اللقب من الأيام التي لا تنسى.
وفي الخاتمة يتساءل المرء لماذا وقع التخلي عن التلقيب هل يعود ذلك إلى تجاوز الأزمان لمثل هاتة الأساليب أو مجرد تخلي عفوي أصابه مثل ما أصاب غيره من التقاليد و الطقوس الكشفية الأصلية.
تعليقات
إرسال تعليق