التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التلقيب في الكشفية: تاريخ وأصول

كاريكاتير من دليل كشفي بلجيكي حول التلقيب ..
كشاف يبحث عن اسم للحيوان الذي سيلقب باسمه
إن التلقيب في الحركة الكشفية يعني إعطاء الكشاف الذي سيلقب إسم حيوان وإحدى الصفات .. بحيث يكون الشخص الملقب يشبه نوعا ما في شكله للحيوان الذي يسمى به !!! والصفة تكون إحدى الصفات المميزة لهذا الشخص الذي سيلقب .. فهناك : النمر الفاتر والثعلب المتحمس وغير ذلك ... وطبعا يتم التلقيب في حفل خاص لهذا الغرض .. كما ان هناك أنواع أخرى للتلقيب خارج إطار الحيوانات كالتلقيب بأسماء ظواهر طبيعية و نباتات .. وهذا النوع من التلقيب نادر مقارنة بالتلقيب السابق الذي يعتمد على أسماء الحيوانات.

أصول التلقيب:
الكثير من الشعوب البدائية كانت لديها طقوس خاصة من بينها التلقيب .. وقد كان يمار كطقوس بدائية لديها ضمن إطار الحياة التي كانوا يعيشونها .. ولعل أشهر هذه الشعوب هم الهنود الحمر الذين بالغوا في تخليد الأشخاص وكانوا ينحتون الشجر على شاكلة حيوان التلقيب لكل شخص ليبقى بعد مماته .. تخليدا له .
أما التلقيب في الكشفية فعكس المتوقع لم يكن بادن باول هو من أدخله .. بل دخل عن طريق قادة كانوا من قبل في هيئات شبابية اخرى تهتم بالعودة لحياة الطبيعة والحياة البدائية و على رأس هؤلاء كان الامريكي ارنست تومسون سيتون الذي كان يقود هيئة شبابية تعنى بالعودة لتقاليد الهنود الحمر وحياة الخلاء والطبيعة أسها سنة 1902 .. ثم أصبح في 1910 أول قائد عام للكشافة الأمريكية .. و في فرنسا كان بول كوز هو من أدخل هذا التقليد في فجر العشرينات من القرن الماضي ..
ورغم هذا فلم يكن التلقيب في الكشفية يثير الحساسيات .. لقد كان مجرد لعبة ومتعة كشفية وما كان يمارس بطقوس سرية ولا بشروط قاسية .. بل كان الفتية يتمتعون بهذا العمل .. فهم يمارسون حياة الخلاء والطبيعة ولم يكن غريبا ان يمارسوا بعضا من طقوس الشعوب البدائية بطريقة مبسطة ..
لقد كان التلقيب في الكشفية لعبة جماعية .. بحيث يمكن تلقيب أي فرد في الفرقة بلقب يختاره او يختار له .. ويتم هذا في لعبة او خلال السهرة ... فخلال السهرة مثلا قد يدور الكشاف الذي سيلقب حول فرقته وتختار الفرقة الألقاب للكشاف و تقترح عليه وهو يدور .. فإذا اعجبه لقب جلس في مكانه دلالة على قبوله اللقب .. أو قد ينقش القائد إسم الكشاف على قشرة جذع شجرة ويرميه في نار المخيم وعندما تحترق القشرة يلقب القائد الكشاف بلقبه الجديد ايذانا باحتراق اسمه ليحل محله اللقب الكشفي الجديد... حتى بادن باول لحقته الألقاب فقد لقب بالذئب العجوز و الذئب الذي لا ينام الذي اطلقه عليه في الحقيقة شعب الماتاليبي الافريقي وكان بلهجتهم «أمبيسا»
لكن هذه الطرق البسيطة تغيرت مع مرور الوقت لتتحول لطقوس سرية جدا وإلى ألقاب لا تمنح إلا لأشخاص معينين ووفق شروط تعجيزية وبطرق غريبة عن الكشفية وفيها الكثير من الانحراف والتهور ..
ففي فرنسا مثلا وبعد الحرب العالمية الثانية قام اثنان من القادة المعروفين وهما بيار جوبار الرسام الكشفي الشهير و جون لويس فونسين بإنشاء حركة جديدة تسمى منديل الدم .. وهي حركة روحية غريبة عن الاعراف الكشفية و غمرتها الطقوس السرية و المبهمة و حادت عن النظام التربوي الكشفي المعروف ..
وبالفعل حاد التلقيب الكشفي كثيرا عن الطريق ليصبح طقسا غريبا مبهما و عنيفا جدا وسريا ايضا أثار حفيظة الكثير من القادة وحتى من أولياء الكشافين .. فظهرت طقوس لعبادة النار والقمر أو ما يشبه هذا.. وكثير من العنف المرتبط بالأقطاب الأربعة : الماء والهواء والأرض والنار .. بحيث تقام طقوس التلقيب ليلا في وقت متاخر و لا يحضرها إلا الزعماء الملقبون من قبل ويطلب من الكشاف فعل اشياء غريبة كالمشي على الجمر - حسب شهادة احدى المرشدات - أو ابتلاع ادوية ومواد سحرية وغير ذلك من غرائب الامور التي تهدم الفعل التربوي ولا تقيمه .. كل هذا و يدعي من يفعل هذا بأنهم يشجعون الكشاف على الاعتماد على النفس والشجاعة والتحكم في النفس عن طريق الخوف!!! .. و ظهر بأن ما يسمى التلقيب قد صار فعلا مخالفا للطريقة التربوية الكشفية (قد نفرد مبحثا خاصا بهذا في مشاركة لاحقة)
وظهر ان هناك تاثر نفسي واجتماعي كبير على المراهقين لانهم هم الفئة المستهدفة عموما .. مما عجل بفكرة محاربة هذا النشاط في الكشفية .. والالحاح على أنه تقليد غريب لا يخدم الطريقة التربوية فضلا عن مخاطره الجمة على الكشافين في كل نواحي التربية ..
أما مؤسس الحركة الكشفية اللورد بادن باول فقد لاحظ ان هذا التلقيب قد لا يخدم الحركة كثيرا فعارضه بشدة و نشر في الجريدة الرسمية للقيادة العامة سنة 1919 أنه قال: « يبدو لي أن الصبي الذي يريد ان يكون كشافا حقيقيا حسب المثال الذي يرسمه له القائد ليس بحاجة لان يحصل على لقب .. ليس ضروريا أن يسمى النمر الأزرق أو الذئب الأخضر و لا لان يلبس ثوبا مرقشا بدل القميص الكشفي أو يضع ريشا على شعره .. أن تحلم بأن تكون كشافا يبدو لي أنه يحوي الكثير من المثالية والرومانسية وأكثر أفكار من التفاني والسعادة من أن تحلم بأنك جلد أحمر » ويقصد بالجلد الأحمر الهنود الحمر.
و يتحدث البعض عن أن بادن باول لم يحكي عن التلقيب في أشهر كتابين بنيت على أساسهما الكشفية وهما الكشفية للفتيان ودليل القائد .. وهذا صحيح تاريخيا ..
لم يكتف بادن باول بمعارضة التلقيب بل قام بفصل كل من يحيد عن التكشيف بممارسة هذا التقليد الغريب ويخلط الامور التربوية بالأساطير وكان من أول من فصل جون هارغراف الذي أسس فيما بعـد سنة 1920 منظمة سميت كيبو كيفت مارست هذه الطقوس بغرابة اكثر .

في النهاية يبدو أن هذا التقليد في أصله غريب عن الكشفية .. وقد دخلها بسلاسة في البداية لكن كان هناك من شاء له ان يحيد عن الطريق التربوي الكشفي مما جعله مستهجنا حتى من طرف مؤسس الحركة نفسه .. فماذا نقول نحن ؟؟؟للتنويه فإن التلقيب لا يزال يمارس في بعض الدول كسويسرا وبلجيكا وكندا والولايات المتحدة واسبانيا بطريقة أكثر شفافية وبساطة وسلاسة و بطرق مختلفة .. في حين أن انجلترا التي كانت مهد الكشفية لا تعرف هذا التقليد إطلاقا. 
جانب من طقوس تنظيم كيبوكيفت الذي أسسه جون هارغراف سنة 1920 بعد فصله من الكشفية
.
جون هارغراف الذي فصله بادن باول من الكشفية بسبب غلوه في هذا التقليد 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدلولات الشارة الكشفية العالمية

تتحدث الكثير من المراجع عن مدلولات الشارة الكشفية العالمية و تقترب كثيرا التفسيرات من بعضها .. و لا تجد بينها إلا بعض الاختلافات البسيطة التي لا تؤثر في أصل الموضوع .. و رغم هذا فسأضع هنا المدلولات الرسمية المعتمدة من قبل المنظمة الكشفية العالمية و الموثقة و المنشورة رسميا بتاريخ الفاتح من أكتوبر 2006 و هذا هو النص الرسمي العربي كما ورد في موقع المنظمة الكشفية العالمية و قد وضع باللون الأزرق أما النص المكتوب باللون الأحمر فهو موجود في النص الانجليزي و الفرنسي و لم يرد في الترجمة العربية الرسمية !!!! التصميم الجرافيكي للشعار صدر فى الأول من أكتوبر عام 2006- ويتكون من هذه العناصر الهامة: الشعار الكشفى العالمي: قام بتصميم الشعار الكشفى العالمى السيد/بادن باول. ويمثل هذا الشعار زهرة الزنبق (the fleur- de-lys), التي تشير إلى الشمال في الخرائط القديمة ويشير هذا الشعار إلى إلتزام الكشافين والثقة بهم إلى أكثر حد و هو يذكر الكشافين بأن يكونوا موثوقين كالبوصلة ,فهم يجب أن يحترموا الأهداف الكشفية ومساعدة الآخرين فى معرفة الطريق وتمثل الثلاث بتلات بالشعار الواجبات الثلاث التى يجب إتباعها: حق الله...

السيمافور

هو مصطلح كشفي .. ويعني التخاطب على بعدبواسطة الأعلام . وعند استخدام هذا الأسلوب للتخاطب يلزم حصول كل من المرسل والمستقبل على علمين متشــابهين قد صـنعا بمواصفات خاصة قـبل البدء تتكون عملية الاتصال من شخصين على الأقل – الأول مرسل والآخر مستقبل . يقف كل من المرسل والمستقبل قبالة بعض وفي وضع الابتداء . تذكر أن لكل حرف من حروف الهجا ء موضع خاص لا يجوز تجاوزه عربي إنجليزي

الاسعافات الاولية

إن طبيعة العمل الكشفي خاصة في حياة الخلاء تتطلب الكثير من الحذر فغالبا ما نواجه طوارئ من شأنها تعريض الكشافين للخطر, حيث يمكن أن يتعرض شخص لجرح ، حادثة أو لنوبات مرض ما. وقد تقف أنت نفسك عاجزا عن تقديم بعض الإسعافات التي تدعم حياته حتى يتم نقله إلى أقرب مستشفى أو عيادة طبية . ولا يرتبط الاحتياج لمثل هذه الإسعافات بمكان ما وإنما نجد الحاجة إليها في الشارع مكان العمل- المدرسة - الجامعة - المنزل- أماكن العطلات والإجازات وخاصة المخيمات . وعلى الرغم من أن الإسعافات الأولية علاج مؤقت لأي أزمة أو حالة إلا أنها تنقذ حياة الإنسان في الوقت المناسب . تعريف الإسعافات الأولية: هي جملة من المساعدات والمعالجات والعناية الفورية والأولية والمؤقتة للمصاب قبل وصول سيارة الإسعاف أو الطبيب. من المسئول عند تقديم الإسعافات الأولية ؟ يستطيع أي شخص أن يقدم خدمة الإسعافات الأولية بشرط أن يكون مدربا بطريقة صحيحة على عمل مثل هذه الإجراءات الأولية فالشخص الذي يقوم بتقديم الإسعافات الأولية هو شخص عادي لا يشترط أن يكون في مجال الطب وإنما تتوافر لديه المعلومات التي تمكنه من إنقاذ حياة المريض أو المصاب , ويتم اللجوء ...